مع انطلاقة التحضيرات الحزبية والشعبية للانتخابات النيابية بعد إقرار قانون الانتخابات،فإن المعارضة الوطنية تجد نفسها أمام تحدي كبير يتمثل بطريقة خوض الانتخابات من حيث الشعارات والوسائل والتحالفات...
و يقفز إلى الواجهة التساؤل هل أن المعارضة الوطنية ستخوض الانتخابات كجبهة موحدة(عابرة للطوائف والمناطق)عبر الأحزاب والشخصيات الوطنية، لتحقق فوزا انتخابيا يجعل مقاليد السلطة والأكثرية في يديها،لتتمكن من محو أثار الحقبة الماضية ولتؤسس لمرحلة قادمة تحصن الكيان الوطني من أعداء الخارج، وتحصنه من فتن الداخل، أم أن المعارضة بأطيافها الرئيسية ستتجه للتخلي عن حلفائها الذين (يغضبون) من تصالحت معهم المعارضة في فريق14آذار وتهمل أيضا من استعانت بهم واستعانت بمواقفهم السياسية لتأكيد أن الصراع في لبنان هو صراع سياسي وليس مذهبيا، كما تحاول الإدارة الأميركية وبعض المعتدلين العرب إظهاره والسعي إليه.
والسؤال الآخر..؟؟ هل أن المعارضة بشكل عام وكل إطار حزبي فيها مطمئن إلى وضعه الانتخابي بحيث يجاهر بأنه فائز لا محالة،متجاوزا بعض المواقف الشعبية التي تبدي العتب والنقد حول بعض الممارسات والتي لا تنسجم مع العناوين العامة لمشروع المعارضة،وبالتالي فإن نوم المعارضين على (حرير) طاعة الناس لهم في السراء والضراء ،في الخطأ والصواب، فهو أمر خاطئ لأن الناس تغمض أعينها عن الخطأ في ساعات المعركة المفصلية مع إسرائيل وأميركا وحلفائهم،لكن ذلك لا يعني التغاضي عن الخطأ سواء في التشريعات أو حماية الأمن الاجتماعي للجمهور من خلال دراسة المشاريع والقوانين التي تطال مصالح الناس من الضمان الاجتماعي إلى دعم السلع الأساسية إلى الاستشفاء إلى التربية،فان الجماهير التي وقفت مع المعارضة وأعطتها كل ما تملك ،وفوق ما تستطيع منذ عدوان تموز إلى الاعتصام التاريخي الأطول في لبنان، والذي يجب أن تبادر المعارضة إلى إحياء الذكرى الثانية لانطلاقته،لشكر الناس على مواقفهم،وللتذكير بأنه سلاح سلمي وديمقراطي.
وحتى تعوض المعارضة ما فاتها من توجيه التحية إلى من وقف معها في الليالي الباردة والأيام الحارة على مدى أكثر من ثمانية عشر شهرا إلى أن تم تفكيك الخيم بعد الدوحة ولم تبادر المعارضة إلى الدعوة لإنهائه بما يليق بمن ساهم أيضا في إبقاء هذا الاعتصام حيا.
بعض المعارضين الذين يقرون بأحجامهم المتواضعة أو أصواتهم القليلة في صندوق الانتخابات يتوجسون من أن يعاملوا كأحمال زائدة في هذه المرحلة التي لا بد من حجز بعض المقاعد في الاحتفالات واللقاء لخصوم ألامس في14آذار، ويجب مراعاة شعورهم بتغييب من(غض عليهم) نعمة التفرد بطوائفهم، وبالتالي تكون المعارضة قد سقطت في فخ الاستغلال لمناصريها وحلفائها،واستبدالهم بمقعد نيابي أو وزاري، لكنها تكون قد خسرت شيئا أساسيا وكريما وهو الوفاء لمن وقف معها،والمبدئية بعدم التخلي عن الحليف أو الصديق ،الذي غادر طائفته ومنطقته باتجاه المشروع الوطني العام،ولنصرة الفرضية القومية الشاملة،فيكون قد صفع مرتين من طائفته ومن حلفائه (الوطنيين).
أن تخسر المعارضة موحدة بعض المقاعد، خير ألف مرة من أن تربح أكثرية مرحلية على دماء حلفائها وأنصارها،فالتاريخ يسجل الموقف الكريم والحر على صفحاته،ويسجل في أرشيف المخازن صور النواب والوزراء.
المشكلة أن بعضا من غرور بالانتصار، بدأ يتسرب إلى الخطاب السياسي للمعارضة، يمكن أن يبرره البعض بأنه خطاب تعبوي، لكن الوقائع على الأرض تقول بأن بعض المعارضة يعتمد على وطنية مناصريه وأتباعه من الجمهور العام وهذا صحيح...فإن أهلنا لن يبيعوا ضمائرهم للمال المتدفق إلى لبنان عله يقطف ما عجزت عنه حرب إسرائيل وتدخلات أميركا... ولكن من قال أن الوطني في لبنان ينحصر بمن ترشحه الأحزاب المعارضة ،فإن كثيرا من الوطنيين المجاهدين والمناضلين قادرون على العطاء دون مقابل..ويمكن أن تنحاز الناس إلى نصرتهم وإعطائهم شرف تمثيلها،إذا تمادى البعض في تجاهل كرامات الناس والوقوف عند رأيها، لتختار من يمثلها لا أن يحكم عليها بتناول وصفة الدواء الانتخابية عبر أسماء ومرشحين، سواء كانوا فاشلين أو ناجحين...فالناس أحرار في اختيار من يرونه مناسبا ضمن دائرة العمل الوطني والتصدي للمشروع الأميركي الإسرائيلي المهزوم.