إن الصراع مع الصهيونية العالمية ورعاتها البريطانيين، بدأ مع وعد بلفور لليهود بإعطائهم فلسطين، كوطن ينهي التشرد ويجمع الشتات الصهيوني ، وانفجر الصراع باغتصاب فلسطين ليمتد على مساحة الوطن العربي احتلالا وقصفا وعمليات اغتيال، فاحتلت سيناء في مصر والضفة في الأردن والجولان في سوريا ،وجنوب لبنان و العاصمة بيروت ، وقصف مفاعل تموز العراقي واغتيل قادة فلسطينيون في تونس.
و تحولت القضية الفلسطينية إلى صراع عربي إسرائيلي، ليصل إلى مستوى صراع الأمة مع الكيان الغاصب، وتضامنت الأمة مع بعضها إنتصارا أو هزيمة بنسب متفاوتة، وأدخلت جزء من قدراتها بما فيها النفط في معركة التحرير الأولى في حرب تشرين1973، وبعدها عمل الأميركيون لتفكيك جبهة الصراع وتقسيمها إلى جهات جهوية خاصة عبر مفاوضات السلام المنفرد، ليتحول الصراع العربي الإسرائيلي إلى صراع مصري- إسرائيلي انتهى بتوقيع معاهدة كامب دايفيد، وصراع أردني – إسرائيلي انتهى بمعاهدة وادي عربة وصراع فلسطيني – إسرائيلي انتهى جزء منه باتفاقيات أوسلو وأخواتها، وصراع سوري – إسرائيلي لا زال معلقا، تحركه بعض الضربات العسكرية وبعض المفاوضات ، وصراع لبناني – إسرائيلي تكاد تنتهي عملياته الميدانية ونتائجه من تحرير للأرض ما عدا شبعا وحلفائها وعودة الأسرى الأحياء والشهداء، وبقيت بعض آثاره الميدانية من قنابل عنقودية وخسائر واختراقات للسيادة.
لكن يجب التوقف عند ظاهرة استثنائية ونحن على مشارف تحققها وهي استعادة الأسرى وجثامين الشهداء(العرب اللبنانيين) ومصطلح ( العرب اللبنانيين) يعبر عن كل الشهداء العرب الذين وجدوا في النافذة الحدودية اللبنانية معبرا للتأكيد على هوية الصراع الإسرائيلي،فالتحقوا بالمقاومة الفلسطينية في زمن كانت البندقية طريق الوصول إلى فلسطين ،وكانت الرصاصة هي صوت القضية، وليس حبر الاتفاقيات الضعيفة، فكان السوري والأردني واليمني والمغربي والمصري...، مقاومين في سبيل تحرير فلسطين، وبعد تفكيك الجبهات صارت فلسطين عند الكثيرين مسؤولية خاصة بالفلسطينيين عليهم أن يدفعوا هم ثمن الحفاظ عليها وثمن الدفاع عن الأرض، حتى القدس الشريفة صارت مسؤولية فلسطينية وتخلى العرب والمسلمون عن نصرتها وتحريرها،أو دعم من يدافع عنها وتم مكافأة الفلسطينيين أن حوصروا عربيا وإسلاميا استكمالا للحصار الإسرائيلي.
وإذ بالمقاومة اللبنانية تعلن أنها تتحمل مسؤولية كل المقاومين على اختلاف جنسياتهم وعقائدهم وأحزابهم ومنظماتهم وطوائفهم ومذاهبهم، لأنهم من أركان مسيرة المقاومة ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا).
ولتعلن أن المذهب المقاوم يجمع كل الشرفاء ،والمرتكز على العزة والكرامة وعدم الخضوع أو التذلل، وأن هذا المذهب لا تمنعه المذاهب أو الحدود أو المعابر أو العصبيات الحزبية أن ينتشر في أرجاء الوطن العربي، شاهرا جثامين الشهداء ليفتح كل الطرق المقفلة، والمعابر المغلقة، ويمحو كل الفتاوى المحرضة ضد المقاومة..
وبالتالي فإن عملية انتصار المقاومة في عملية التبادل، يكمن في إعادة الصراع إلى هويته وموقعه الطبيعيين، وبمسؤولية الجميع عنه، وأن محاولة جعل المقاومة مذهبية أو قطرية أو فلسطينية فقط، هي محاولة بائسة ومضللة، حيث أن جثامين الشهداء ستعود لتبعث الحياة في جسد الأمة المغتصب أميركيا"، والمشلول من وطأة ضغط الأنظمة، وليقول الشهداء ... للأمة ، لقد وصلنا إلى فلسطين عبر البندقية وأرجعتنا من فلسطين البندقية، وأن تحرير فلسطين وكل أرض عربية لن يكون إلا بالبندقية سواء أطلقت الرصاص بوجه العدو أوأرعبته، فاستسلم.
والأكثر عزة أن العربي استرجع كرامته حيا أو شهيدا، وكسرت مقولة شعب الله المختار،بعد سقوط شعار الجيش الذي لايقهر، وأنه بالإمكان إقفال السجون الإسرائيلية وإغلاق المقابر واسترجاع حقوق الأمة.