إن أهم الشعارات التي ترفعها الأنظمة أو الجماعات السياسية الداعية للاستسلام والخضوع للواقع والانتماء للقوى العظمى والانطباع لمخططاتها،بأن السلم لجلب الاستثمارات ويزيد الإنماء،ويرفع المستوى المعيشي للشعوب،وتنفتح آفاق العمل الفكري والفني والعملي،ويجعل الدولة والجماهير تتفرغ للحياة بمضامينها المباشرة والسطحية،وأن السلام يوفر الإعتمادات المالية وتحويلها من شراء الأسلحة لشراء الخبز والمواد الأساسية وبدل النكسات فلتفتح المدارس والمستشفيات والمصانع.... وأن الأوطان التي تحاول حماية حقوقها وسيادتها وكرامتها بالقوة وليس بالاستجداء فمصيرها الحصار والجوع والهزيمة...وهذه الثقافة روجت لها أميركا والاستعمار الأوروبي واقتنع به بعض الضعفاء أو الأتباع بينما أثبتت الوقائع السياسية والميدانية خطأ هذا الشعار،وهزيمة هذه الثقافة بل بالعكس أظهرت الأحداث أن الوقائع تظهر عكس ذلك،وحتى لا الكلام بأنه خيالي فلا ب من قراءة الوقائع التالية في الوطن العربي والإسلامي وكذلك في دول العالم.
*على الصعيد العربي: إن النموذج المصري ويقابله النموذج السوري يثبت أن السلام المشوه والضعيف وبعد ثلاثين عاما من معاهدة الصلح مع الكيان الصهيوني يطرح السؤال هل تغيرت مصر نحو الأمن أو الأسوأ والوقائع تدل على ما يلي:
* المستوى المعيشي:تحت وطأة المساعدات الأميركية من القمع مقابل الابتزاز للقرار السياسي المصري المقيد والمشلول وآخر أحداث ضحايا طوابير الخبز شاهده على ذلك،بينما استطاعت سوريا أن تكتفي ذاتيا من القمع بل وتبيعه إلى الأردن وغيرها فهل أوصل السلام الخبز إلى الجياع...!وهل منعت الممانعة والصمود القمع من أيدي السوريين..؟!.
*في القرار السياسي:هل قدم السلام لمصر موقفا سياسيا مركزيا في العالم العربي أو الدولي أم لعبت دور التابع أو المستخدم والمهدد دائما بوقف المساعدات أو الاتهام بعدم الديمقراطية والاعتداء على حقوق الإنسان لتصبح في موقع المحاصر والمحرض على قوى المقاومة والممانعة لحماس في فلسطين،وسوريا والمقاومة في لبنان؟!
تهزم القرار السياسي الأميركي بإسقاط النظام السوري،وعادت أوروبا للتواصل مع سوريا قبل المعتدلين العرب الذين ورطتهم أميركا ضد سوريا،وأصبح القرار السياسي السوري أكثر حرية وتأثيرا وإنجازات من القرار للمعتدلين العرب .
* على المستوى الإسرائيلي:هل استطاع السلام الضعيف لمصر الأردن والسلطة الفلسطينية حتى إرجاع الأسرى المصريين والأردنيين الفلسطينيين وهل كشف مصير المفقودين وهل أعاد جثث الشهداء الوقائع تقول بوجوب نسيان الماضي وعدم المطالبة،بينما أثبتت قوى الممانعة بأنها قادرة على إطلاق الأسرى الأحباء واسترجاع جاثمين الشهداء العرب على جبهة فلسطين حتى والذين سقطوا قبل ولادة المقاومة اللبنانية عبر القوة والندية وليس السلام الضعيف أو الاستجداء فماذا صنع السلام وماذا صنعت المقاومة؟.
*على مستوى الوطن: المقاومة المركزة على السيادة والكرامة لتحشد القوة والطوائف والمذاهب والأحزاب بمواجهة العدو المغتصب وهو إسرائيل ضد العدو المحرض والراعي للاحتلال وهو أميركا،ويشد عصب الوحدة في الأوطان وغي الأمة بينما السلام والمساومة تطلق السباق حول المغانم والمكتسبات والألقاب الوطن قوميات وطوائف ومذاهب كما في العراق وكما كاد يكون في لبنان،تعود المقاومة لتوحد الكيان الوطني وتوحد الأمة من توابيت الشهداء الذين نقلتهم من(مقابر الأرقام)إلى قلوب الشرفاء.
لذا تظهر الوقائع أن المقاومة تبني الدول وتوحد وتزرع في نفوس الفرد ثقافة التحدي بالاعتماد على الله سبحانه وعلى الذات،وتحقق أحلامه لتصبح بين يديه للخبز،وقلما للكتابة،وأرضا للحرية ومصنعا ومستشفى،بينما المساومة ما كان و ما تبقى،وتؤجر الأوطان قواعد عسكرية للمحتل وتبدد الثروات مالا في بنوك لا تملكها،بينما بعض شعوب الأمة في السودان والصومال والعراق وفلسطين وكل أرجاء الوطن العربي تغرق في بحر الأمية والجوع وتدفع إلى الهجرة خوفا من الإقامة في سجون قمع الرأي ويصبح دستور الأوطان الضعيفة يقول ساوم حتى تعيش،واستسلم حتى تنجو،واخضع حتى تبقى بينما دستور الأوطان القوية يقول: قاوم حتى تعيش وقاتل حتى تنجو،وارفع الرأس عزيزا حتى ترى الواقع بوضوح وإن لم تستطع فاستند إلى غير المأجورة حينها تفتح كل جدران السجون،وتمزق صمت الموتى.
والحديث الشريف يقول(المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف)فكونوا المؤمنين وكونوا الأقوياء...