إن قانون الإنتخاب في لبنان يحمل خصوصية مميزة خلاف أي بلد في العالم نتيجة تنوعه الطائفي المختلط وطنياٌ والموزع مناطقياٌ،فكل منطقة هويتهاالطائفية الغالبة خاصة على مستوى المذاهب, وأخرى على مستوى الطوائف وبما أن النظام السياسي اللبناني يعتمد على الطائفية السياسية وأن مصدر إستيلاد السلطات,وبناء النظام والمشاركة فيه,تبدأ من الخطوة الأولى في المجلس النيابي الذي تتم على يديه شرعنة الحكومة والثقة فيها والمراقبة لها,وإنتخاب رئيس الجمهورية.لذا فإن قانون الإنتخاب,أساس في تحديد من يحكم ومن يشارك ومن يهمش في لبنان؟وقبل الحرب الأهلية كانت الدائرة الإنتخابية هي القضاء,وبالتالي كانت الطوائف والمذاهب تنتخب ممثليها,لتشكل برلماناٌ للطوائف يعكس الواقع الميداني،وكانت عمليه تشويه الواقع,تتم عبر تدخل السلطة والمخابراتمن جهة،والمال والعائلات من جهة أخرى،وبما أن ثقافة الوحدة الوطنية والإندماج لم تنبت بذرتها بعد،وتجمدت عند حدود العيش المشتركوليس الواحد,وتعرضت للإنتهاكات والجراح الدورية والقاتلة في الحرب الأهلية,.ولذا فإن أي طرح حول قانون إنتخابي الآن يعتمد على(المواطنية)والدائرة الواحدة والنسبية هو حلم مثالي يرغب كثيرون بولادته. لكن الرغبات شىء والواقع شيء أخر,خاصة في لحظة سياسية خطرة، حيث تتجه الإدارة الأميركية إلى جعل المذهب،والقومية،والطائفية...الدائرة الإنتخابية على مستوى العالم العربي بدون إستثناء،لتشتيت(الكتلة العربية)الإقتصادية والبشرية والحضارية، وإذابتها حماية للكيان الصهيوني.وبالتالي فبدل أن يحمى لبنان من التقسيم والفدرالية والفتن،تنشر هذه المصطلحات في العراق كمقدمة لنشرها في العالم العربي،بعد نجاحها في تفكيك الإتحاد السوفياتي إلى دول على أساس القوميات.وفي لبنان كانت السلطة تعين نواب المذاهب بما يحمي ديمومتها ومصالحها حتى الحرب الأهلية ،فانقلبت الموازين وتغير من ،يخطط،واختلفت ساحات التعيين في الطوائف ونفخت بعض الأحجام السياسية خلاف الواقع،واصيب بعض المسيحيين بالإحباط والمصادرة والتهميش،حتى قاطعوا الإنتخابات في بعض المراحل كان المطلب المسيحي الملح هو إقرار القانون على أساس القضاء دون إستثناءات،لإعادة الإمساك بالتمثيل النيابي،للدخول مجدداٌ كلاعب أساسي وليس على مقاعد الإحتياط،ومن هنا تمسك بكركي بوجوب طرح قانون الإنتخاب كمحور أساسي في الحوار القائم،وتأكيدها على القضاء كدائرة إنتخابية،لحفظ الوجود السياسي المسيحي في لبنان حتى لو كانت مرحلياٌ على حساب بعض القوى السياسية المسيحية،لكن بكركي تعمل إستراتجياٌ وليس مرحليا،لأن هذه الفرصة لن تتكرر في المدى القريب في خضم العواصف السياسية وفي محاولة لإغتنام الرياح الآتية،ووقوف القوى السياسية الشيعيةمعها لحفظ الشراكة الوطنية,مع ان الطرح السياسي الشيعي الاستراتيجي هو الدائرة الواحدة مع النسبية والغاء الطائفية السياسية،لكن السؤال المطروح في خدمة من سيكون القانون...المواطن-الطائفة-الوطن-الخارج؟؟؟ويتنوع الجواب وفق مصالح الجهة المنتفعة،ولا بد من نسب معادلة بين اللبنانين وجوب حصر القانون لتأمين مصلحة الوطن والمواطن أولاٌ وأخيراٌ ومن خلالها تتم تأمين مصلحة الطائفة كإطار معنوي وعقائدي لمواطينها،وأن يتفق اللبنانيون أيضاٌ على إستبعاد الخارج ومصالحه من أي صيغة سياسية داخلية يمكن للبناني أن يتنازل لأخيه في المواطنية, شرط أن يكون الرابح هو الكيان الوطني وفي ذلك مصلحة للجميع،وأن أي تنازل للخارج من أي فريق أو فرد،هو إنتقاص من المصلحة الوطنية العامة وبالتالي إنتقاص من حصة المواطن..أي مواطن وخسارة للجميع بدون إستثناء.ولذا فإن ما يطرح الآن من مشاريع قوانين إنتخابية لا بد أن نبدأ بالأسباب الموجبة والتأكيد،أن المطلوب هو صياغة نظام السياسي وطني يضمن حقوق الجميع من مواطنين وطوائف وأحزاب دون شراكة للخارج(أي خارج)في إستثمار نتائج هذا القانون على مبدأ(جارك القريب ولا أخوك البعيد)وفي عالم تحكمه العولمة، بشعار الربح قبل الإنسان،فالخوف أن يضيع هذا الوطن في بورصة السياسة العالمية في إطار التعويضات السياسية الإقليمية والدولية،حيث ستبدأ التعويض الأولي لإسرائيل بتشريع التوطين وشطب حق العودة الذي ضمنه القرارالدولي 194،وفي حال قبول اللبنانين عموماٌ والمسيحين خصوصاٌ بالتوطين،فإن مصلحتهم السياسية سنتضرر لأن الواقع الديمغرافي سينقلب على مستوى الطوائف ونظريةالـ 6والـ 6مكرر سيطاح بها،وأي قانون إنتخابي سيضمن عندئذ التمثيل أو التوازن في الشراكة عبر اعداد من النواب فضفاضة حيث ان عدد النواب اللبنانيين فهو يشكل اعلى نسبة في العالم.حيث يبلغ عددالنواب اللبنانيين 128لأربعة ملايين مواطن,وعدد مجلس الشعب المصري450نائبا لأكثر من 70مليون مصريو250نائبا سوريا لحوالي19مليون سوري و370نائبا وشيخا اميركيا لحوالي300مليون اميركي.؟؟وفي حال القبول بالتوطين ولحفظ الخصوصية المسيحية سيطرح بند الفدرالية أو الحكم الذاتي الحقيقي المموه بإسم اللامركزية الإدارية وبالتالي يخسر اللبنانيون وطناٌ كان بحجمهم،ليستيقظوا على فنادق وطنية كبرى تقوم على كانتونات طائفية خاضعة للبيع والشراء والإيجار لا تملك هوية ولا كياناٌ ولا موقفا ولا سيادة وكأن الخلاف على أمومة(الصبي)ستمزقه اربا ويفارق الحياة ويحول الطوائف إلى ثكالى تستدر العطف الإقتصادي والسياسي من السياسات الدولية التي لا تعرف الرحمة بل تعرف الربح.القانون الإنتخابي المطلوب..هو كبف نحمي وطناٌ ومواطنين وليس كيف نحمي أحزاباٌ وطوائف ونستولد زعامات.حتى لا يكون الجميع شركاء في دم لبنان قرباناٌ للمصالح الطائفية والدولية وفي ذلك هدم للماضي وبيع للمستقبل... فمن يجرؤ على ذلك؟