تعيش قوى14آذار حالة الاحتضار السياسي ،كمنظومة موحدة سياسيا على المستوى اللبناني،قبل الانتخابات نتيجةعمل كل فريق لحماية بيدره السياسي،ومحاولة البعض لحجز مقعده في الباص النيابي،حيث أدرك البعض أن ما يحميه لبنانيا هو ما يجنيه سياسيا في المجلس النيابي أو الحكومة المقبلة، وليس الدعم الخارجي سواء كان عربيا أو دوليا،وتتمثل حالة الإرباك والقلق لقوى الموالاة بالأمور التالية:
- إن الإنفتاح الغربي وخاصة الأميركي على(محور الشر)السابق، سوريا وإيران، قد ألغى وظيفة هذه القوى وتسخيرها بمواجهة سوريا وإيران في الفترة السابقة،بل وقيدها إلى حدود إلزامها بضرورة الإعلان في برنامجها السياسي، بوجوب أن تكون العلاقة مع سوريا وفق اتفاق الطائف،بما يعني (العلاقات المميزة)وليس الطبيعة فقط.
- إن المصالحات العربية-العربية،والتي لم تتحقق بعد كليا،بل إعلان نوايا،قد جمدت المواجهة المباشرة بين الأطراف على الساحة اللبنانية وبالتالي ألغيت وظيفة أخرى من وظائف الموالاة.
- بعد أعلان المحكمة الدولية إعلاميا...فقد سحب أحد الشعارات الأساسية من قوى الموالاة لاستنهاض العامل المذهبي خصوصا،إلا إذا ظهرت المحكمة قبل الانتخابات ببعض الأمور لإعطاء الدعم اللازم.
- أما حالة التشتت التي أصابت قوى الموالاة قبل الانتخابات، حيث أفرغت الطبول السياسية لبعض القوى(القوات اللبنانية-اليسار الديمقراطي-الكتلة الوطنية....)وبعض الشخصيات التي تمثل الأحمال الزائدة ،قد جعلت من الطاولات الطويلة المملوءة بالشخصيات والنواب في البر يستول وقريطم والبيال،حلقات منفصلة في حبل سياسي ينفرط شيئا فشيئا فالقوات اللبنانية تبحث عن مقاعد تحفظ لها ماء الوجه مسيحيا، مقابل التيار الوطني،مع الاقتناع بأنه لا يمكن إحداث التوازن النيابي بين الفريقين على المستوى المسيحي،وكذلك على المستوى الوطني، فالتيار ألعوني استطاع التمدد طوائفيا ومناطقيا،بينما لا تستطيع القوات التمددأكثر من بشري والكورة، وإذا سمح جنبلاط لمرشحها في الشوف فإنها ستكون بمثابة(نائب عن بعد).
أما الكتائب فإنها تعيش حالة حرجة سياسيا على مستوى عائلة الجميل، التي تشارف على الانقراض السياسي مع محاولاتها الحثيثة لتثبيت حضورها السياسي على مستوى الجيل الثاني من الأبناء لتصبح الكتائب ممثلة بالعائلة (سامي أمين الجميل)و(نديم بشير الجميل)ليعود الحزب-عائلة تبحث عن مستقبل سياسي مهدد ،يحاول قضمه الحلفاء المسيحيون(القوات)والحلفاء الآخرون من المستقبل والاشتراكي.
أما اليسار الديمقراطي والكتلة الوطنية وبعض الأسماء التي وظفت إعلاميا في المرحلة السابقة،فالظاهر أنها ستكون في أرشيف(المحفوظات السياسية).
وعلى الهوامش لا بد من الالتفات للجماعة الإسلامية،التي غادرت موقعها الطبيعي أثناء المرحلة السابقة،لتقف إلى جانب القوات اللبنانية والكتائب...ولتتخلى عن أدبياتها السياسية وقناعات وسلوكيات جمهورها طمعا بطبق سياسي على مائدة الموالاة ،وانتظرت أكثر من ثلاثة أعوام ولم يسد أحد جوعها السياسي على مستوى الوزارة وكذلك الآن فهي تهيم على وجهها من صيدا إلى بيروت إلى طرابلس،تبحث عن مقعد نيابي يتم التكرم عليها به،لكنها لم تعثر على المقعد،ولم تجد المتبرع،وتخاف أن تمر الانتخابات وهي خارج اللعبة السياسية.
بالإضافة إلى الإخفاقات السياسية،وتداعيات المصالحات العربية والدولية فإن قوى الموالاة تعيش هاجس حماية(الوراثة السياسية)للجيل الثاني من أبنائها،وبالتالي فإن اللوائح الانتخابية تبنى على هذه النظرية .حيث يترشح سامي الجميل لحفظ مقعد والده وأخيه،ونديم الجميل لاستلام المقعد من والدته، نيابة عن أبيه،و نايلة تويني نيابة عن والدها وجدها،و سامر سعادة نيابة عن والده،و سعد الحريري وبهية الحريري نيابة عن الرئيس الحريري،و ميشال معوض نيابة عن والدته....
وبالتالي فإن14آذار على مشارف إنتاج (روضة أطفال نيابية) لأبناء زعمائها السياسيين،فبعد سقوط شعاراتها المرفوعة من السيادة والحرية والاستقلال، تحت وطأة المصادرة الأميركية ومصادر التمويل العربية ،فإن شعار العبور إلى الدولة،سيمر حتما من باب الوراثة العائلية،وفق نظرية(النخبة المولودة) كقيادة،والجمهور المولود كأتباع،وإقفال باب الطموح والكفاءة،حيث يمكن التنبوء بمن سيكون وزيرا أو نائبا في العقود المقبلة ،وهذا ما يناقض ترشيحات قوى المعارضة،التي تنتجها الأحزاب وليس العائلات السياسية في أغلبيتها، مع بعض الثغرات،التي يجب معالجتها والتي أنتجت بعض المحظيين الفاشلين.
هل تصدق تنبؤات سمير جعجع هذه المرة انتخابيا...عندما قال أنه(إذا خسرت المولاة الانتخابات فستكون نهايتها سياسيا) بعد سقوط كل تنبؤاته السابقة،ماعدا تنبؤاته الأمنية ولهذا طرحت الموالاة الشعار بأن الانتخابات المقبلة ،مصيرية ومفصلية، لأنها تعرف مستقبلها عند من ورطها في معركته ضد سوريا ومحور الممانعة،و ليتركهاألآن على قارعة المصالحات السياسية والأمنية في المنطقة،ويصرح على لسان عراب14آذار السفير الأميركي السابق(فيلتمان)أن أميركا لا تعارض نفوذا سوريا إذا كان إيجابيا،وهذا أول الغيث للحوار السوري-الأميركي،والايجابي طبعا هو ما يحقق المصالح الأميركية أولا،فإذا كانت المصلحة إضعاف قوى14آذار مرحليا،فلا بأس أن يكون ذلك،وإذا كانت مصلحة أميركا،عودة النفوذ السياسي السوري إلى لبنان فلا بأس أيضا بذلك.
وهذا برسم الاستقلاليين الآذاريين،فهل سنسمع شعارا آذاريا بستبدل(سوريا اطلعي برا) بشعار(سوريا ارجعي)لأننا عرب وأشقاء... بأوامر من فيلتمان الأميركي...!!