بعد انهيار الإتحاد السوفياتي تحرك العملاق الأميركي المتعدد الأيدي,للإمساك بالعالم وفق نظرية(السيطرة على العالم)وقيادته بالقوةالعسكرية,متكاملاٌ مع الإجتياح الإقتصادي والتجاري, عبر منظمة التجارة العالمية والحدود المفتوحة وفق خطة عمليات أطلق عليها مكافحة الإرهاب,الذي بدأ بالثأر لأحداث أيلول في أميركا بالإنقضاض على القاعدة وزعيمها بن لادن ,الذي استخدم كذراع عسكري وقناع ايديولوجي لطرد السوفيات من أفغانستان.وقد اخترع الأميركيون بن لادن وبعد تنفيذ مهماته المطلوبة عمدوا لمطاردته وإلغائه،مستفيدين منه حتى الرمق الأخير ليستقروا في قلب آسيا الوسطى والجمهوريات السوفياتية السابقة,لإقامة قاعدة عسكرية أميركية على حدود الصين وروسيا وإيران وباكستان إنتقل الأميركيون بعدها إلى العراق بالإنقضاض على صدام بعد تنفيذ المهام الموكولة إليه في حربه ضد إيران وغزو الكويت,وبحجة القضاء عليه إستقر الأميركيون في الخليج للسيطرة على منابع النفط وليكونوا قوه أقليمية وسط إيران وسوريا والسعودية لإدارة الشرق الأوسط الجديد.وبعدها إنتقل الأميركيون إلى لبنان للإنقضاض عل الوجود السوري الذي رضوا به قبلاٌ بل وفاوضوه وفوضوه,وبعد شعور الأميركيين بعبء هذا الوجود وإمكانية طرده للحلول مكانه إنقض الأميركيون لإغتيال الرئيس الشهيد الحريري,ليكون مبرراٌ لقدومهم إلى لبنان,بعدما شعروا بأن في أعماق الحريري إنتماء قومياٌ ووطنياٌ لا يمكن أن يلغيه لصالح إستباحة الكيان اللبناني فتم التخلص منه ورفعوا{قميص دمه}للنيل من لبنان العربي,والوجود السوري,مستفيدين من ثغرات هذا الوجود وأخطائه التفصيلية.وتبنوا إنتفاضة اللبنانيين المتضررين من هذا الوجود تاريخياٌ ليعلنوا أنهم مع الديمقراطية اللبنانية التي تضمن مصالحهم،من خلال القيادات الشابة البعيدة عن الذاكرة النضالية ضد اسرائيل والغير منتمية الى تاريخ كرامة الأمة واستقلاليتها بالاضافة ان هذه القيادات قد ولدت سياسيا,على الثأر الشخصي وزعامة القطب الأميركي الواحد الذي لايقاوم,وخدع اللبنانيون المنتفضون نتيجة ما تعرضوا له سابقا ونتيجة الجو العاطفي بعد الإغتيال،متكاملاٌ مع مشاريع البعض السياسية القديمة,التي شعرت بأمكانية أحيائها من جديد، لكن عجز هذه القوى الذي اعتمد عدم المغامرة بالإنقضاض على سلاح المقاومة,والإتجاه نحو الحوار لعل ذلك يبعد الجميع عن الكأس المرة وهي الفتنة الداخلية التي لم تزل راسخة في النفوس وتهدد الوحدة الوطنية والإقتصاد الوطني والعيش المشترك حتى بدأ المخطط الأميركي بالتصعيد بالضغط على الأكثرية التي شعرت أنها تحت عبء المطالبة اليومية في الإدارة
الأميركية بوجوب المواجهة،إلى أن شعر الأميركيون بضيق الوقت بعد فشلهم في العراق, فلجأوا إلى تكليف العدو الإسرائيلي مهمة نزع سلاح المقاومة بالقوة وفرضوا على الأكثرية أن تؤمن الغطاء السياسي داخلياٌ فوضعت الأكثرية بين سندان الإنتماء الوطني وضغط المشروع الأميركي مع إغداق الوعود المطمئنة إلى النتائج الإيجابية للعدوان الإسرائيلي.لكن حسابات الحقل المقاوم لم توافق حسابات البيدر الأميركي الإسرائيلي،مما اضطر الأميركيين خاصة بعد هزيمة الجمهوريين في الإنتخابات وفقدان حرية القرار الخارجي، إلى العمل على خطين:
1-فتح باب المفاوضات مع سوريا وإيران عبر المراسل البريطاني.
2-الضغط على الساحة اللبنانية عبر إقرار المحكمة الدولية,ومنع قيام حكومة إتحاد وطني تنقذ الكيان اللبناني,وذلك قبل تسلم الديمقراطيين مهامهم البرلمانية ولتحسين شروط التفاوض مع سوريا وايران بشأن العراق من تداعيات خطيرة.
لكن القوى اللبنانية الممانعة والمعترضة على الوصاية الأميركية الجديدة استطاعت تنظيم صفوفها وإستيعاب صدمة العدوان الإسرائيلي على كل المستويات،مما دفع الإدارة الأميركية إلى التحرك السريع بالتنبؤ ببدء الإغتيالات في لبنان على لسان وزيرة الخارجية رايس، وترددت أصداء التنبؤات على لسان بعض قاده الأكثرية إعلامياٌ،بل وصلت إلى حدود التفاصيل بأن المستهدف من الإغتيال وزيرين على الأقل في الحكومة.
وإذا بهذه التنبؤات تتحقق في أقل من أسبوع-بعد إنكشاف كواتم الصوت المستوردة إلى السفارة الأميركية وبأسلوب كلاسيكي وفي ساحة نقية سياسياٌ وطائفياٌ. حيث توجد قوى الأكثرية خاصة المسيحية ,حيث أن المستهدف هو حفيد أحد البيوت المسيحية السياسية الرئيسية,بعد إنقراض آل شمعون بإغتيال داني شمعون وعائلته,وتعرض آل فرنجية لإغتيال طوني فرنجية وعائلته,ونجاة ولده الصغير بالصدفة-الوزير سليمان فرنجية-وإذا بالعائلة الثالثة آل الجميل والتي بدأت تنمو بسرعة من بين إنقاض إغتيال بشير الجميل الذي اغتيل(بتواطؤ حزبي داخلي)كما صرح الرئيس أمين الجميل مؤخراٌ ليتم قطع الفروع لهذه الشجرة السياسية. لعل ذلك يشعل الفتنة الداخلية في لبنان كتعويض عن الفشل الأميركي-الإسرائيلي،والدخول في مغامرة الساعات الأخيرة للمشروع الأميركي إما بإنهاء الممانعة الوطنية بالضربة القاضية من خلال إقرار المحكمة الدولية وفق الخطة الأميركية وبدون ضوابط وبمهمات مفتوحة وغب الطلب،أو إحراق لبنان الذي ما زال الأميركيون يتذكرون لعنته السابقة في المار ينز وفشل نيوجرسي، واللعنة المتكررة التي صفعت إسرائيل أكثر من مرة حتى صرح ذاك الجنرال الإسرائيلي وهو ينسحب من صور(أن هذا البلد يبتلع محتليه)ومن هنا تأتي حادثة الإغتيال السياسي لتعلن ولادة مرحلة جديدة على أساس المعادلة التالية.
إما أن يكون لبنان محمية أميركية أو فليدمر ويحرق على رؤوس أهله,الراضين والرافضين للمشروع الأميركي,من خلال فتنة داخلية جديدة مثل العراق،وأفغانستان،والجزائر بعد فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية في الإنتخابات.
المشكلة أننا في لبنان نتصارع حول سلطة ستكون ملفوفة بأكفان المطالبين بها أو الممسكين بها،ولا مشكلة عند الأميركي طالما أن القاتل والمقتول لا يحمل الجنسية الأميركية.فهل يستيقظ اللبنانيون ويتقذوا وطنهم،أم يوغلوا في نهر الدم,الذي بدأت ينابيعه بالتفجر,ليتحول لبنان قرباناٌ يضحى به إنقاذاٌ للمشروع الأميركي.